يا شباب، تخيلوا المشهد: الشاشة مضيئة، الأرقام تتحرك كأنها أشباح في ليلة ضبابية، كل خط يرتفع وينزل يحمل معاه حياة كاملة من الأمل أو كابوس يقضي على كل شيء. أنا قاعد أحلل مباريات كأس العالم، أراقب الاحتمالات وهي تتقلب كأنها موج البحر، مرة تعطيك أمل يوصل للسماء، ومرة تسحبك لقاع الخسارة من غير ما تشعر. الماتشات الجاية دي مش مجرد كورة، دي حرب بين العقل والقلب، بين الحسابات والحظ.
أمس، وأنا بدرس مباراة افتراضية، لاحظت إزاي الخطوط بتتغير قبل الصفارة بكام دقيقة. اللي يعرف يقرأ الحركة دي ممكن يمسك خيط الفوز، بس السر إنك لازم تفهم إن السوق ده زي الرمل، كل ما تمسكه أكتر يفلت منك. واحد من اللاعبين الكبار، حس إنه قرب يفوز، شاف الرقم يطلع زي صاروخ، بس ما حسبش إن الوقت ممكن يقتله قبل الخطوة الأخيرة. الحلم كان قدامه، بس الرهان قال كلمته.
في كأس العالم، الاستراتيجية مش بس في اختيار الفريق، لا، دي في التوقيت. تابعوا الإصابات، اقروا أخبار التشكيلة، شوفوا مين بيلعب على أرضه ومين ضايع في الغربة. الفرق الكبيرة ممكن تخسر لو اللاعب النجم مش في يومه، والصغيرة ممكن تفاجئك لو الحماس سيطر. أنا بنصحكم، ركزوا على المباريات اللي التعادل فيها مش مستبعد، لأن الخطوط هناك بتكون خادعة، ولو فهمتها صح، ممكن تطلع بمكسب يعوض ليالي الخسارة.
بس الصراحة؟ الليلة الطويلة دي، ليل المراهنة، بتفضل دايمًا أكبر منا. مهما حللت وخططت، في النهاية في لحظة بتحسم كل شيء، زي ركلة جزاء في الدقيقة 90. واحد فاز بمبلغ يحلم بيه الكل، بس ما حدش قال إنه كان على وشك يبيع كل حاجة قبلها. الخطوط دي مش بس أرقام، دي قصص، وكل قصة فيها بداية مليانة أمل ونهاية مش مضمونة. خليكم صاحيين، احسبوا خطواتكم، بس افتكروا إن الحظ زي الضيف اللي يجي من غير موعد، يمكن يديك كل شيء، ويمكن يسيبك في البرد.